Thursday, September 20, 2007

تصوير المرأة في روايات الكاتب النيجيري شينوا أشيبي

تصوير المرأة في روايات الكاتب النيجيري Chinua Achebe
إلى اشراقة وانشراح ولورا وشالا بلندن !!
ترجمة : أحمد الأمين أحمد
تنبه احد النقاد ذات مرة أن النظرة الخاطفة داخل ترسانة الأدب الافريقى المعاصر تبين أن النساء الأفريقيات ظللن يخضعن لمواقف تحقيرية عبر تصويرهن كشخصيات ماكرة تنقاد بصورة سالبة داخل المجتمع وقديما كتب ناقد في صحيفة The Guardian البريطانية أن "النساء صرن ينظرن إلى أنفسهن كأنماط داخل المرآة الزائفة للكتب التي يصنفها الذكور." أما هذا المقال فيهتم بالطريقة التي عالج بها Achebe احد كبار الروائيين الأفارقة شخصياته النسائية العديدة داخل رواياته المتعددة من لدن Things Fall Apart "الأشياء تتداعى" الصادرة 1958 إلى Anthill of Savannah " زبى نمل السافنا" الصادرة 1987 والتي تمثل خامس انتاجة الروائي.رغم أن تصويره للشخصيات النسائية في أعمالة الأربعة الباكرة Things Fall Apart \الأشياء تتداعى -1958,No Longer At Ease\ مضى عهد الراحة-1960, Arrow of God \ سهم الآلة-1964و Aman of People \ رجل من الشعب -1966كان واقعيا إلا أنة كافيا لجعل قلوب النساء تدمى إذ عادة ما يصورهن كأدوات لتحريك الصراع داخل الرواية حيث يوظفهن لتمكين الرجل كمحرك ومتحكم في وجودهن الخالص ..فالنساء في "الأشياء تتداعى" أكثر أعمالة نجاحا لحسها التاريخي والثقافي –تقليديات بصورة صارمة حيث يشكل الرجال بؤرة الاهتمام والصيت كما تتمحور كل أحداث الرواية حول شخصية " اوكونكو" والذي يمثل موته نهاية الحدث الجمالي وكذلك الحال بالنسبة لحياة " اونوكا" المتعبة في نيلها حظا وتقديرا شأن حياة "ايكمنفونا" صغير السن والتي رغم قصرها وبعدها التراجيدي قد نالت تقديرا اكبر مما نالته اى شخصية أخرى داخل الرواية.في الواقع لقد تم بناء الرواية على هذا المنوال بحيث " تتداعى الأشياء" فعليا عندما لا يستطيع الرجال الذين مثلوا جوهر الصراع المواجهة البناءة لحقائق الزمن ولعل النساء إن كن منحن أدوارا محورية للحركة في المجتمع أو داخل الرواية قد يجعلنها " تتماسك" بدلا عن " تداعيها" ففي حيز الرواية توظف النساء كأدوات مادية محجوبة عن عمليات صنع القرار الأمر الذي يدل أنهن غير جديرات بالأفكار العظيمة والعميقة علية فشخصيات مهمة ك "اكويفى" وغيرها من حريم " اوكونكو" اللائي وصفهن الروائي بالقوة التي تجعلهن يعشن مع اللهيب المتأجج ذاته مثل "ازينما" ,"شيلوه" و"اناسى" الزوجة الأولى العظيمة نجدهن يعشن بصورة أساسية لتلبية الرغبات الطارئة لرجل وجل نشاطهن مرتبطا بالأشغال المنزلية والعطف والتجارة والزراعة البسيطة والثرثرة دون النسيان أن عليهن الخدمة بانتظام كضحايا للهتك والضرب في حالة ثورة الرجال الفذين يمارسون الارتباطات الأكثر خطورة وجدية في المجتمع والاثنتان اللتان كان بمقدورهما الإفلات من التصوير النمطي للروائي هما " ازينما" و"شيلوه" اللتان ظلتا تنموان بصورة طبيعية وحقيقية حتى تم قتلهما جماليا عبر تصويرهما شخصيتين خارقتين كعرافتين ,علية فان قوتهما في الحيز المكاني داخل الرواية لا تكمن في إنسانيتهن بل في غرابتهن!!نجد داخل المجتمعات التقليدية في روايتي " الأشياء تتداعى" وسهم الآلة" أن حيازة النساء تزيد من المزايا الاجتماعية للرجال وتؤكد حريتهم الكاملة في ملكية الأرض الزراعية كما توفر لهم تنوعا في مذاق الطعام الذي يقدم إليهم إضافة إلى تمكينهم على التخلي عن دورهم الابوى تجاه أطفالهم ..ففي هذا المجتمع التقليدي تربى المرأة منذ الطفولة لتعتقد أنها وممتلكاتها حيازة لرجل الذي يجعلها تنجب أطفالا يحملون أسمة أما في رواياته الأخرى ك "مضى عهد الراحة"و "رجل من الشعب" فمازال النساء يحافظن على أدوارهن الخلفية حيث ينظمن الأوضاع داخل الرواية والأبرز حضورا هما "كلارا" في الأولى و "أليس" في الثانية حيث يشتغل البطل بالسياسة لان "خليلته" وليس " حليلته " كما قد يتبادر قد تم إغوائها بواسطة الرئيس "نانقا" لذا استولى على مقعدة البرلماني مع تقديم عروضا لخطيبته –تلك الفتاة الصغيرة التي رعاها لتصبح زوجته – لأجل مصاحبته إلى المناسبات العامة بدلا عن زوجته الأولى المتخلفة بالنسبة لوضعه الراهن بالتالي فانه يريد "فتاة جيدة وجذابة لتلعب دور المضيفةفى حفلاته" كما ورد في الرواية.لقد تم تقديم الشخصيات النسائية في روايات Achebe كدمى ومخالب حتى عندما يلهبن الصراع وفى معرض الحديث فان معظم أبكار الروائيين في نيجيريا قد تم وصفهم بان ليس لديهم شقيقات لما تواتر عنهم في تصوير مغال ومنحاز ضد المرأة في هذا السياق هل يمكن اتهامهم بالتعصب والقسوة في تصويرهم الجمالي للنساء؟في الأدب غالبا ما يعود التشخيص إلى سياق العرض والتقديم بالنسبة للشخصيات في العمل الخيالي إذ أنة قناة للتأسيس والتعبير عن حقائق اجتماعية مألوفة للزمان والمكان وعادة ما تمثل هذه الشخصيات نماذج للأدوار والتعبير الذي ينبغي للرواية الاهتمام بة ولكن يبدو أن النساء لا يمنحن حياة ومساحات كافية للتعبير عن أنفسهن والمساهمة في التطور الاجتماعي داخل الكتابات الأفريقية.
إذا تأملنا إبداع هذا الروائي فينبغي إدراك أن هدفه عرض "الأثر الضعيف للتجربة الاستعمارية عند البشر الذين كانوا متماسكين داخل نسيج متميز وثقافتهم الغنية" ورغبة الكاتب هي تأسيس ثقافة وحياة افريقية تصور هذه الحقائق التاريخية بواقعية ...انه يرسم تقاليد موجودة علية فان كان هنالك مأخذا فان التقاليد الأفريقية هي المسئول عن الموقف التفريقي تجاه المرأة الأفريقية داخل المجتمع وليس الرجال أو الكتاب الأفارقة كما ينبغي أن نراعى بان المجتمع وليس الرجال هو الذي يشكل التقاليد..إذن فان الروائيين كانوا يعبرون عن التجربة الحقيقية للمرأة داخل المجتمع الافريقى وعلى ضؤ ما كتب حول النظرية الأدبية الأنثوية فأنة " ينبغي للنص التعبير عن تجربة إنسانية خاضعة للعرف بمقدور القاري تقبلها كانعكاس حقيقي لحياتنا الأنثوية" وكما لا يخفى ففي الروايات الباكرة للروائي تكمن بذور وجهة النظر الموجبة حول المرأة والتي تزدهر في أعمالة المتأخرة ف "الأشياء تتداعى" رغم انحيازها الفاضح ضد المرأة إلا أنها ترفعها إلى مصاف المسيح المنقذ للمجتمع في أحلك فتراته ففي الجزء الثاني من الرواية تحتم على "اوكونكو" البطل " مبارحة دار أبية طلبا لراحة والطمأنينة في ارض امة جراء ما ارتكب من آثام ومغالطات "فصارت Mbanta الرمز الاموى الروحي والمادي والذي يرحب بالطفل الجانح الذي غالبا ما يكون ذكرا كما صورة احد النقاد بقولة " ينتمي الرجل إلى ارض أبية في السراء والرخاء لكن عند الضراء والأسى والمرارة فأنة يجد الملاذ في ارض امة حيث تكون الأم هناك لحمايته لذا دائما ما نقول أن الأم هي الأعلى" .لقد تبلور موضوع المرأة كمنارة للأثر الاموى الرحيم تماما في أعمال Achebe الروائية في روايته الخامسة "زبى نمل السافنا " الصادرة العام 1987..إذ صار لديها واجبا متناميا في دفع وتحريك وتطوير المجتمع الذي قد تم تشويشه وتعطيله من قبل الرجال.في محاولة الإمساك بالرؤية اعلاة يؤدى الروائي دورة بقوة كناقد ومنقذ معتقدا أن ما يقوم بة يمثل انعكاسا مباشرا لحالة المجتمع الزى تتناسب مهمته معه طرديا نحو الموجب وان تحتم علية أن يظل متوازنا في استخدام مهارته لأجل المساعدة فى تشكيل رؤية ومنحى لمصلحة شعبة.يتبين من الواقع الراهن أن نساءنا لم يعدن تقليديات ومستسلمات ومنتحيات شأن أسلافهن بل أنهن قد ارتقين القمة وصرن يعملن ويكدحن ويقحمن أنفسهن فى مناطق مختلفة من المجالات الحياتية علية فان الكاتب الذي يلح حول الصورة المنكمشة للمرأة فى وجه الرجل دائم التسلط فقد لا يصور الواقع, تقدم لنا رواية "زبى نمل السافنا" صورة اجتماعية سياسية لفساد وتعفن داخل امة افريقية متخيلة ببلدة Kagnan من خلال ثلاث شخصيات ذكورية أساسية تتمثل فى Sam الرئيس العسكري ,Christ Oriko وزير الإعلام المصاب بالانفصام والصحفي الشجاع Ekim Osodi حيث تتمحور الرواية حول احتكاكهم وابتزازهم وفسادهم الذي يعقبه انهيار عاجل ,على كل فإننا نجد داخل الرواية أن الشخصيتين الأنثويتين Beatrice وElwa تمثلان شعاعا من الأمل بالنسبة للمجتمع فعلى سبيل المثال تعتبر الأولى صورة للمرأة الأفريقية الجديدة التي ترفض الخضوع للواقع والتذمر والشكوى بل تسعى لمعاندة وقهر الألم والمعاناة لتصبح بصورة مطلقة أملا للمطلب الاجتماعي عبر المبدأ الانثوى الذي يعد ببساطة تقديرا يؤدى إلى تطور وازدهار كل مقدرة إنسانية إلى أقصى حد مقابل بناء المجتمع عبر التحديث والتواضع وحب الآخرين الذين يعانون الظلم والقهر كما تعمل على تذليل وإذابة كل المعوقات التي تعطل التماسك والتطور الاجتماعي ..إنها تمثل الحل المتبادل عبر البشر لأجل حمل الأعباء الاجتماعية والتاريخية معا..الفرح والأسى لأجل تأكيد حدوث النجاح والتقدم.على جانب أخر فان بمقدور المبدأ الانثوى الذي ينشد ذاكرة المجتمع –الاعتماد فعليا على المرأة لأجل الاستقرار والتقدم إذا ما تم سبر غور مصادرة جيدا والتحكم فيه وهذا هو خيار الروائي فى هذه الرواية بالقابل فانه اى الروائي يعتقد أنة إذا ما لمسنا الحياة ,الراحة,النظام والتقدم عند النساء فعلينا العض عليهن بالنواجذ كما يريد للمبدأ الانثوى النمو والتصاعد ليكون فى طليعة واقعنا الاجتماعي فعلى سبيل المثال فان لم يكن " اوكونكو" بطل " الأشياء تتداعى" قد حرر بعض الشخصيات العزيزة لوجوده الاموى فان هذه الذكورة هي التي دفعته ومجتمعة إلى الهلاك والقدر المشئوم لم تكن قد تم تفاديها بعد فان "Mbanta" ارض امة والرمز الروحي الذي يرحب بالطفل الجانح وليس دار أبية"Omofia " قد قاومت مجي الرجل الأبيض بقوة وطبقا للناقد Umelo Ojnmah فان Achebe فى "زبى نمل السافنا " يعتقد بان " الكرة فى ملعب الأمم الأفريقية لإثارة المبدأ الانثوى ,ليس بالضرورة فى شكله الجذري فى الحفاظ على المرمى فى الهامش حتى تحدث الأزمات النهائية " لكن بالمقابل ينبغي علينا جلبهن اى النساء الأفريقيات نحو الواجهة عبر شراكة واضحة وتقدير وثقة ليكون بمقدورهن حمل الأمة الحبلى نحو الإمام إثناء مراقبة قوتنا المحدودة وضعفنا بذات القدر وكما تعبر "Beatrice" احد نساء هذه الرواية فان " هذا العالم ينتمي الى الوثنين وليس الى لجنة تنظيمية محلية مهما كان مقدار ذكائها". أخيرا دعنا إعادة صدى رؤية هذا الناقد بأنة " ينبغي على قادة الأمم الأفريقية الجديدة –تحديدا نيجيريا بلد الروائي- مراعاة احتياجات واستلهام إفرادها المختلفة...0 هوامش:1- Achebe روائي وشاعر وقاص وناقد ومفكر وباحث فى التراث الشعبي وأستاذ جامعي فى الأدب الانجليزي-يكتب بلسان Shakespeare وتدرس أعمالة فى كليات الآداب كرافد من الأدب الانجليزي بمفهومة الحضاري واللغوي والاستعماري_يعتبره عبداللة الطيب "1921-2003" وهو بصير "بالجرح والتعديل" أهم وأكثر انجاز من مواطنة "شوينكا" الحائز على " نوبل للآداب" فى العام 1986.2- اشراقة هي " الإشراق" وانشراح هي " الانشراح" أما لورا ففتاة بريطانية من أصل نيجيري من قبيلة "الايبو" قوم Achebe لقيتها ذات أصيل بعيد داخل محطة Acton Town غرب لندن ثم تناولنا العشاء بGolders Green احد أحياء اليهود شمال لندن وشالا فتاة نيجيرية لكنها من قبيلة اليوربا قبيلة شوينكا الذي صححت لفظي له إنها جميلة وطويلة ولدت مسلمة ثم تنصرت عقب زواجها من نيجيري نصراني بحجة أن المرأة عندهم على دين زوجها اوكما قالت!!!!.3- نشر هذا المقال للكاتب Reginald Tach باللغة الانجليزية فى مجلة Amazon التي يصدرها كتاب أمريكا اللاتينية فى أغسطس العام 1995 كما نشر نتفا من الترجمة العربية التي قمنا بها فى صحيفة " الشارع السياسي" ضمن الملف الذي أعدة الناقد الكبير" مجذوب العيد روس" عن الأدب الافريقى بمناسبة يوم الكاتب الافريقى –نوفمبر 2001 ثم نشر كاملا بالملحق الثقافي الذي يتعهد الناقد احمد الطيب عبد المكرم بصحيفة الخرطوم غرة رجب 1425 .

جلسة مع على المك

جلسة مع على المك
إهداء إلى "عود" برعي و"صوت" داؤد
الكتابة أفق مفتوح نحو عبق الروح المعتقة في الزمن والتجربة..هي تنهض في أصالة بوحها اللامتناهى مترعة بالمعاني والدلالات التي يمكن إعادة تقطيرها وتفكيك مساربها لتعطى ولمها من جديد من زوايا مختلفة التامات أخرى متجددة للاحتمالات اللامتوقعة في خط القراءة والمعنى.هكذا فعل احمد الأمين في هذا الكولاج الممتلئ بأفراح التنزه المتبتل فئ "مناخات على المك"ونصوص كتاباته..وقد قال الشاعر "عالم عباس" في رسالة إلى الناظم ذات خريف بعيد "هذا فن نادر ان تجمع مقاطع مختلفة من كتب شتى ومقالات تصنع منها عالما متكاملا للشخص...وهى كلمات على المك لا محالة "...فما اروع ان تنحاز الكتابة قراء ومريدين عن محبة.."الناقد \احمد عبد المكرمصحيفة الخرطوم \السودانالثلاثاء-22رجب 1425في حضور الفجيعة والرحيل تقفز إلى الذهن قصيدة الشاعر الامريكى "Henry Long Fellow " مبثوثة في ثنايا "Anthology of American Literature" المجلد الأول طبع 1980 ,جمع جورج مكمايكل وهى اى القصيدة تخاطب شاهد ضريح الرومانسي السادس "John Keats" وتستدعى صورها ولغتها خريدتة المشهورة Endymion راعى الضأن الوسيم الذي سحرته ديانا ربة القمر في الميثولوجيا الرومانية فوهبته النوم الابدى كما تداعب النقوش الكتابية على الضريح والتي تقرا "Here lieth one whose name was written on water " وتقول:The young Endymion sleeps ,Endymion sleeps,The shepherd boy whose tale was left half toldThe solemn grove up lifts shield of gold to the red rising moonAnd loud and deep ,The nightingale is singing from the steepIt is mid summer but air is cold ,can it be death?Alas, beside the fold a shepherd ,s pipe lies shattered nearHis sheepLo!in the moonlight gleams a marble whiteOn which I read here lieth one whose name was writ in water.هذه الصورة البديعة استوحاها الشاعر الزنجي "كاونتى كولين"في خريدتة "على شواهد أربعة قبور...إلى كيتس" وتأملناها ضمن نقول على المك عن الأدب الزنجي:اسمك لم يكن على الماء مكتوبا وليس في الغمامياحنجرة الغناء العذبشفاهك الصداحة التي قبلها الموت الباردأيبست شفتيه بالحريق.وفى قصيدة " لونغ فلو" احتفال حزين بالموت وجمالة بنبرات وطقوس أشبة بالغناء:And was this the meadOf his rather sweet singing? Rather let me writeThe smoking flax before it burst to flameWas quenched by death, and broken the bruised reedبعبوره البرزخ الفاصل بين الأزل والأبد و "تحديقه " في الموت تنفصل عهود من الالق والأرق والوفاء و "الإمتاع والمؤانسة" عن مجرى الأدب السوداني-تلك الورد الفواحة بالعبير –رغم بعض القبح ..تلك الشملة الملونة التي نسجها نفر من العشاق والفرسان والمتصوفة والعلماء والعشاق والثوار والدراويش الحر دلو الكبير ,البنا الكبير ، العباسي السعيد، توفيق صاحب الدهليز المنهدم ، معاوية ،التجانى،كردى ،كرف الخير ،طنبل، المجذوب ، الناصر، جيلي، عبدالحى محمد، ابوذكرى الراحل في الليل، إدريس جماع "هذا السليم في عصر سقيم والعاقل في امة من السفلة والمجانين "!! تأمل :من دمى اسكب الألحان روحا عطرةورؤى النفس وانداء الامانى النضرةوشجوني وحياة بالأسى مستعرةخلق الزهرة لتفنى لتعيش الثمرةأو..... قفي يارياح لدى قبره إذا ما أجبت لداعيأجلية في رمسه واحملي إلية الندى والعبيرقفي لحظة فهنا شاعر يروع الوجود اذامااحاديثة نثره كلها شعور تعالى وشعر وعادل القصاص والحلنقى وكجر اى "خال زينب—كما حدثتني عند السحر وهى على مرمى حجر من البيت العتيق" وكفى وعلى المك يطل وهاجا حول عروش النظم والقول في السودان ناشرا ريشة بإيجاب وفرح على ألوان وضروب من المواعين الإبداعية كتب "القصة القصيرة" فكان عميق الرؤيا رهيف الحس دقيق التصوير كثير الحب والاحتفاء بشخوصه والمكان ناسجا شبكة من النوستالجيا على فضاء قصصه الزمني وكتب الدراسات وجمع الآثار والانطولوجيا فكان حسن الذوق موسوعي الإحاطة مدركا للغة والحضارات ,ترجم لوركا ونماذج من الأدب الزنجي الامريكى ومقالات عن الموسيقيين الكلاسيكيين والمحدثين وبعض ميثولوجيا الهنود الحمر والشعوب البدائية الأخرى فكانت مترجماته خلقا ثانيا للنص مع اتكاءه صادقة مخلصة لروح الأصل وصنف سفرا عن داؤد،شغل عمرة البحث الدأب والإبداع والتواصل والحوار عبر كل وسائط المعرفة والاتصال ..هو بروفسور في الآداب ومحاضر جامعي في الترجمة الإبداعية وثاني رئيس لاتحاد الكتاب السودانيين بعد المفكر الكبير جمال محمد احمد "1916-1986" تربو إثارة ومصنفاته على العشرة "في قرية" ،"القمر جالس في فناء دارة"، "وهل أبصر اعمي المعرة"،"مدينة من تراب"،"حمى الدر يس"،البرجوازية الصغيرة"و" الأرض الآثمة " مع صديقة شادي الموال صلاح احمد إبراهيم "1935-1994"ومصنفات أخرى إضافة إلى كونه حقق التراث الخالد لخليل فرح والبنا الكبير والكثير من المقالات في الاحتفاء والرثاء لرموز الفكر السوداني.تنوع وعمق موضوعاته وتعدد تضاريس مشروعة الجمالي جميل اللون والروح يسمح تفكيك وإعادة تركيب هياكله ونسج بساطا جديدا يحوى كل أدوات وموضوعات تاريخه الفكري والادبى الذي يتعانق فيه الموت والفضاء والصور والوصف و...."للمستشفى رائحتان ،رائحة الموت وأخرى هي رائحة الديتول والمجارى والبالوعات واليود والقطط وان كنت لم تشم رائحة الموت فقد استنشقها هو حين كانت ترفرف حول رأس امة "حليمة" وكان قبلها يظن أن الموت ولأنة غدار وخائن لا يغشى الكائنات إلا في الليل لكن خاب حدسه لان امة ماتت بعد منتصف النهار والحزن مطبق وهاجر عنة طعم ولون ورائحة الحياة ....وكان واقفا أمام فراش موتها غير قادرا أن يجود لها بشي بقلب ،بكلية،بشريحة من روحة كي ما تحيا وتعيش ...في ذلك الصباح أحس بألم يفرى احشاءة لم يكن بل كان مدية وكان يسبب له قلقا عظيما ماذا لو ماتت أمك اليوم؟ وكل حي صائر إلى زوال يقول وهكذا يحب تعزية نفسه" يمكن أن يقول للآخرين ويواسيهم معزيا ولكن حين يكون الفقد امة فلن تنفعه كلمات المعزين.وكان الزمان شتاء لكم يخاف هذا الفصل لبردة ؟لظلمة ليلة الحالكة؟لم لوحشته؟ أم لان أباة قضى فيه دون إنذار ؟ وكان ينام والمسرة قرب راسة يتوقع أن ينهض على شدو باك من المستشفى ليقول له ماتت ..ماتت ولماذا تموت؟ أليس هذا هو أجمل المستشفيات وأنظفها وفية ممرضات أمريكيات ؟هراء وهل تمنع ممرضة أمريكية الموت أم تؤجل أجلة أن حان؟ و "في صباه كان كثير الحركة والكلام وكانت امة تحبه جدا ولكن بأسلوبها الخاص تضربه حين يخطى حتى يبكى ويخاصمها ساعات ولكن لا تستغني عن حركته وحديثة فتعود فتضمه إلى صدرها وتحكى له قصصا مثقلات بالخيال جميلات " كأنهن التمرات" ...مغرمة هي بالحديث عن المساجد و"في أم درمان واحد وخمسون جامعا" تقول له " عشر منهن بلا مآذن" وهو لم يزل يذكر أسماءها:المساجد عبر العهود.جامع عبد الغفار،جامع الشيخ يوسف،جامع الادريسى ... و...و:الشمس في ساحتك الوسيعةثرية من بلوروالرمل والتراب فيك أبسطةوالحصى سجادة سخية الألوان من "تبريز"وإنا بشوقنا وحبنا لكنشيد فيك مئذنة تطاول السحابياجامع الخليفة.. "قلب السوق ويؤمه خلق كثيرون مصليين وداعين...وكانت امرأة مصلية مؤمنة تقية خاشعة ورغم كلفها بالمساجد فإنها لم تدخل مسجدا في حياتها مع أن بعض نسوة الحي كن يصلين فريضة الجمعة في المساجد حاجة كلثوم ،حاجة السرة،حاجة علوية ،حاجة خجيجة،حاجة عشه وحاجات أخريات وربما كانت فريضة الحج تخلع عليهن سمة من سمات الرجال هي الاختلاف إلى المساجد لصلاة الجمعة وهو كان يلاحظ "مثلا" أن أكثر من أدين فريضة الحج من نسوة الحي شائخات وربما لم تمن تريد أن توصف بتلك الصفات....ولم كانت امة تريد أن تراه عريسا على راسة "طاقية منسج تأتلق"ملطخا بالضريرة ومسيرا بالعديلة :عريسنا طلع البحر يا عديلهقطع جرايد النخل الليلة زينةالليلة سار قدمنو ياعديلة سار لبيت بت عموالليلة زينة.وان ترى احفادة وتسمع دلوكة ليلة زفافه...اة لكنها اليوم مسبلة الأجفان ..متهدجة الأنفاس ومسجية بلا حراك...أيمكن أن تضخ العافية في شرايين وروح من تعطلت منها الكليتان وذبل الفؤاد؟ ...حليمة بت سليمان " وأنها كانت تصدح بالمديح أغنيات في أشغال يومها"...كلماتي كالأزهار تفوح أريجا فلتجمعها يا..قلم البوصولتشرب من دواة العمار حتى تثملفانا الليلة انوي أن أحدثكم عن ....ولكن خير من يجيد الحديث عن هذا الحي في هذه المدينة الآدمية هو ذاك الحلاق واسمه "باب الله" ..أقول يحدثكم عن هذا الحي حلاق واسمه "رجب" ليس لأنة أفضل رجالة وارفعهم قدرا ولكن لأنة يحسن الكلام عن الحي ولكن أيضا ليس مهما إن كنت لا تعرف أين هو "حي الركابية" فكثير من إحياء أم در درس وذهبت معالمه منذ أن صارت المدينة العسجدية تتزيا بهتانا وزورا بزى المدن وتهدى قسما من روحها القديمة للسوق ليفترسها:مثل هذه العمائر ليست من سمات بلديولا قاطنيها العمائروعيناك تشبهان في خضرتهما صفحة النيل في بلديوفيهما من الصباح دمعة الندىوفيهما الخوف وفيهما والأسى.ثم تصير بعض شوارعها المتربة إلى شوارع "زفت" سوية وغير سوية ..وطفق يغنى عهود مدينته الآدمية زمان العشرين والثلاثين والأربعين..ينشرح انشراح صدره الزمان،غنى عن فقراء أهلها،شذاذ أفاقها ،عبق ترابها و "نسجها حول روحة ضربا من اللون والنوستالجيا إضاعة منة من بعد كثرة الأسى وتراكم السنين " وكم كان كثير الاحتفاء بسفرة ذاك املاة على نفسه في شرخ يوم " أهلت علية فيه ريح الطفولة والصبا وألوان الأماكن..الحوليات والنوبات التي تدق عليها نجوم الليل لحين أن يعانق الفجر إيقاعها وكان "رق" كرومه قد اسلم المدينة للتوثب الجميل فوشمته بظلال من الجراح!!!!!!"" في الدهليز أنت والمذياع وكتب غير مرتبة في الاقتصاد،الاجتماع،الديانات،الوراثة،التاريخ والتراجم وأنت والمذياع يحق لكما الغناء وربما الكلام وفى هذه المدينة إن لم تشرب "استغفر الله" لا يزورك النوم وان لم يزرك النوم تموت ضجرا وان صبرت تم لك الانتصار وعلى ماذا الانتصار؟اعلي نفسك؟منذ نومه الظهيرة الهانئة والبطن متخم والمذياع انسك وثمة غناء..عبدا لعزيز،حسن عطية، الشفيع والتاج:من شدة اباهووصال الناس اباهوقال الداير يشوفوهيجود بالروح جباهوسمير قلبي حباهووإعلانات وأخبار وكلام وهذا كله حسن ولكن فجاءه يقطع المذيع الأغنية ليقول أن هناك مريضا بمستشفى امدرمان يحتاج دما بصفة عاجلة وأين بنك الدم؟..افتقدوك أم أنت وحدك قد لفظتهم؟ وحدك الليلة مع المذياع والجدران والدهليز المنهدم ..ها قد حان وقت الرحيل وقد تحمر عيونك من شدة البكاء "العيون تشبه الجمر" يعشقها الناس ويتغنون فيها: العيون النور كن بجهرا غير جمالكن مين السهرايا بدور القلعة وجوهرا.صالح عبد السيد يا أبا صلاح،عتيق،الخليل،جيلي،المسلول،إدريس،المجذوب،تشايكوفسكي،ريتشارد رأيت،لانجستون هيوز،غارثيا لوركا وماركيز،هوارد فاست،ناظم،صلاح جاهين،نير ودا،كاونتى كولن تشتاينبك،حمزاتوفا، أبى ذكرى،محمد عمر بشير،معاوية نور و عبدالحى محمد:الفرس البيضاءتميس في الحر حر والأجراسعلى حصى الينبوع يستفيق طفل الماءويفتح الحراسأبواب "سنار" كي يدخل موكب الغناءويصعد النهر .....ثم أنة كان شديد الحب والتأمل والعطف والتغني بشيخه ابن بيرق يقول " لا اهتم لقول البعض إن عبداللة جامد وما استمعوا حلقات درسه في "آداب" جامعة الخرطوم" مثلا" جلست أنا في دروسه داخل 105 و102 ومارايت وسلفي هذا من بعض قول الحاسدين وهو في باب الجهالة ادخل وأنا اختلف معهم أولئك ما تأملوا عبداللة الطيب منة شيئا إلا التواضع والعلم النافع واعلم أن التواضع اجل صفات العلماء واعلم أن الآداب والفنون ألوان ومذاقات...كل أديب ينشى على هواة ويكتب ذات نفسه وحسب ما أوتى من الهام وحسب مايرى ويحس الأمور والكائنات والبشر ولا تنسى أيضا أن مكونات الشخصية الأديب لاى أديب ليست ذات المكونات ."" الشجرة الكبيرة خضراء وجميلة وذات ظل تتمدد سوداء بديعة في رداء الأرض الأحمر بلظى الشمس..اعرفها عهودا فقد كنت ألوذ بظلها وكانت وفية بة...وكنت وفيا أجود بثقل همومي عليها وحين صارت من فناء المحكمة أنكرتها لأنها أثرت أن تكون في الخدمة العامة على خصوصيتها وترفض أن تظل بظلها في خدمة الناس أجمعين وهى ليست بذات ثمار ....حين توظفت تقلص ظلها الفسيح ولعل المسح الوظيفي ألزمها بشي من الجفاف فامتص خضرة أغصانها فقلت اكلمها في الأمر حتى جاء يوم ساقني فيه "خواجة" إلى المحكمة وكانت الساحة تغص بالعربات ! وفى المحكمة دائما نساء يبكين وأخريات متبرجات ..كنت احلم دهري كله أن أكون طرفا في قضية مهمة يدرسها طلاب القانون في الجامعة : فلان الفلاني ضد المجلس البلدي!مفهوم جدا أن يكره إنسان إنسانا ولكن أن تكره هيئة فهذا غريب!!أقول لك كيف ولماذا؟ السودانية"و..و...عزيزي \الفاضل بشرى الفاضل: خذ عندك الناموس والذباب والكلاب والقطط والفئران و"الترابي" و "الأحزاب"هنالك شيئا أخر ..منذ عدت من رحلتي الطويلة شيئا خارج البلاد وأنا أتلمس طريقي كانى لا اعرف هذه المدينة" ولم أسامر بها برعي ودا ؤود" وكنت حين رحلت عنها صباح يوم جمعة ما..أراها متماسكة بالزبالة الذين يهيمنون على أمورها سرقة الكحل من أهدابها " النجل" وهذه كما علمت ابعد ما تكون غايات السرقة..ثم والأجر والاسمنت ولكنها بلغة يشوبها الحذر لعلها قد بدأت تعي أن كبار أمالها تتبخر ولا شمس....اسمع عنى بدا اخبرني تلفزيون الغربة بعيد الآماد أن بيوت العشوائيين والعشوائيين جميعهم قد غمرتهم وغمرتها المياه ولم يسلم بفعل الماء ..أم هو الطوفان؟ وكان ولاة الأمور في نعيمهم ينعمون وسد علينا الناموس والخيران والجداول ....اننى أتلمس طريقي وكأني لا اعرف هذه المدينة ولم "أسامر بها برعي ودا ؤود" ." وعلى الشجرة دق الحاجب الإعلان زيد ضد عمرو وكانت المسامير تنفذ إلى أعصاب شجرتي وما تحرص الأشجار كلها على اخفائة ولا تبوح بة..انظر إلى الشجرة ظل "شحيح" وأغصان تجف ومسامير غليظة في جوفها وحين كان الهواء يمشط شعرها لم تكن تتمايل كما عهدي بها..بل كانت تترنح كأنما هي مصابة بالدرن...إن نظرت وجدته ظلا غير مستريح والشمس توشك أن تقصف بة و " أشجار الحوش في المنشية تدعو الأشجار حولها للبكاء وتستنجز الريح وعدها أن تنجز الدمع على الكائنات ،اجل عينان صفراوان ..كان جالسا على كرسيه منهكا انبانى بذلك الكرسي دون أن اسالة ، صار الموت اقرب جيرانه إلية ..التصقت بة الجداران وفتح فيها أبواب ونوافذ من الأسى وأقام ....اجل عينان صفراوان تسرع لتذوب ...علمت دهري كله كرمة واحتفائه بالضيوف ..حتى إذا جئت صالونه الفسيح ألفيت الكتب والطعام تذهب فضلاته ثم تجئ ..دار لاشك قد أقامها صاحبها للضيوف والهواء يدخل حرا وصاحبها الشجاع جالس صباح الجمعة ..جسم نحيل وعينان صفراوان اجل صار الموت تقرب جيرانه إلية ..نظرت في عينية كانتا بلون الكركم وإذا صف أهلونا في السودان أحدا بالكركم فاعلم أفادك الله أن ذلك أسمى غايات الصفرة ..محمد عمر بشير".المتأمل في مصنفات على المك ونقوله يشم " تيمات" باهرة تطفو بوضوح على معاني ومقاصد كتاباتة..الموسيقى،الغناء،النوستالجيا،شكوى الدهر،والفضاء الامريكى العريض وهو عنده أثير مدهش ولا يحفل كثير بطاعون درويش ذاك المناخ البغيض ومنشئة هو القوقازي الأبيض ..مناخ على المك الامريكى رحب وانسانى نسجه على قول الفيتورى" في مساحات أرضية شاسعة تموج أعماقها بالكنوز والثروات وبشر بيض وسود وافدون من أقصى قارات العالم القديم " والى هذا المناخ يستطرد الفيتورى" السود جاءوا بغير اختيارهم فقد انتزعوا انتزاعا من بين أهليهم ،اختطفوا وسيقوا زرافات ووحدانا إلى حياة عجيبة لم تكن أبدا مجرد خاطرة أو حلما أو حتى كابوسا يطوف بخيالاتهم من قبل وليست في استطاعة احد غيرهم أن يتمثل وقع تلك التجربة المأساوية ،تجربة الاختطاف والاسترقاق على نفوسهم وانعكاسها على مشاعرهم كما انه ليس في الاستطاعة تصور بشاعة الظروف وألوان العذاب التي عاناها أولئك البشر تعساء الحظ حتى أمكن ترويضهم اقصد انتزاع إحساسهم بالحرية وإرغامهم على الاقتناع بقدر العبودية الذي فرضته عليهم إرادة الملاك الجدد لمستمرات العالم الجديد.." مناخات شكلت سحبا مدهشة قادنا إليها على المك بتوفره على ترجمة " نماذج من الأدب الزنجي" انتجة أمثال ديفيز،بول دوين،هيوز ،كولن....الخ "وسط ظروف متميزة خلقت أدبا متميزا واضح المعالم" على قول د. الشوش..زنجي على المك ليس نتوءا على سطح الحضارة الأمريكية المعاصرة بل نسيج أصيل ملتحم فيها ومتفاعل معها ومساهم اساسى في بلورة المناخ الامريكى الذي عشقه على المك يقول "ومن الخطأ أن ينظر إلى صلة الزنجي الامريكى بحسبانه منعزلا أو أقلية والصواب هو أن الثقافة الأمريكية في مجموعها إنما جهد الأقلية والأكثرية معا ...الأقلية الزنجية والأكثرية القوقازية وتتداخل الثقافتان في تكوين الوجه الظاهر للثقافة الأمريكية " وهذا فضاء انسانى وبعد يدعو إلى الاكتشاف والتأمل قادنا نحوه على المك.اة تذكرت أنى رأيت ابن اختى هذا الصباح ،تعرف هذا الشخص الوحيد الذي احسده على طفولته الغضة الجميلة فهو دون عامة الأول واحسد فيه شجاعته ..كان جالسا في قلب سرير فسيح وفى شجاعة لاحدود لها كان يمزق صحف الصباح بعناية...يمزقها قطعة..قطعة لم يحس بوجودي فقد كان ذاهلا عنى تماما..عزيزي: والدنيا حالها هو حالها منذ أن عرف غاليلو دوران الأرض واستدارتها إلى يومنا هذا ومن قبل ايامة أكانت تدور أو لا تدور الم تسمع من يقول "هكذا حال الدنيا " ويقال مثل هذا دائما في الموت والفواجع..قل بربك ولم يذكر الناس حالها حين تلم بهم المصائب وينسون ذلك حين تغمرهم السعادة في كل جانب ؟ غريب امرالبشر غريب والله أمرهم!!! * مصادر:أ- على المك "1937—1992:1- مدينة من تراب" نصوص في الصبا والأمكنة والوجوه—عن درا جامعة الخرطوم للنشر 1973.2-الصعود إلى أسفل المدينة "مجموعة قصصية"3- مختارات من الأدب السوداني" اختيارات من القصة،الشعر والمقال-انظر المقدمة"4- محمد عمر بشير –اى شي يكون المجد " مقال –بصحيفة الإنقاذ الوطني – السودان"5-رسالة إلى القاص بشرى الفاضل – على صدر مجموعته القصصية الأولى –حكاية البنت التي طارت عصافيرها وذكر فيها أن بعض ما يلهمه الكتابة " شكله بالألفاظ البذيئة بدار الرياضة امدرمان" فإليها ينظر.6- جمال محمد احمد وصناعة الترجمة " مقال ضمن كتاب " في سيرة جمال كاتب سره شرق" .7- الاحاجى السودانية فتح جديد في أسلوب الكتابة " حوا ر حول شيخه عبداللة الطيب—صحيفة الإنقاذ الوطني".ب- محمد إبراهيم الشوش : أدب وأدباء " كتاب يشمل مجموعات دراسات ضمنها دراسة عن " مع على المك في الأدب الزنجي وبة بعض حديث للفيتورى عن هذا السفر".ج- محمد عبدالحى محمود: حديقة الورد الأخيرة" ديوان شعر عن دار الثقافة للطباعة والإعلان –الخرطوم 1984.د- إدريس محمد جماع " لحظات باقية" ديوان شعر –طبع مطابع دار الكتاب العربي –بيروت – دون تاريخ.
*إشارة أولى : نشر هذا المقال ثلاث مرات "بمجلة أفاق جديدة التي كان يصدرها الراحل خالد الكد من لندن وقد ارسلتة إلية دون معرفة شخصية بالبريد العادي من سلطنة عمان 1994 ثم بصحيفة الشارع السياسي السودانية وقد أخذة منى الناقد الراقي مجذوب عيد روس اثر لقاء مفاجئ بالطريق وأخيرا صحيفة الخرطوم"
* إشارة من صاحب "منك المعاني ومنا النشيد"الشاعر " عالم عباس محمد نور:
" تمتعت بمقالك عن على المك، فسيفساء جميلة عن عالمة،جمعتها بحذق الجو اهرى "أو كما يقال الجوهرجى" ومهارته هذا فن نادر أن تجمع مقاطع مختلفة من كتب شتى ومقالات تصنع منها عالما متكاملا للشخص ،هي كلمات على المك لا محالة ورؤاه وفلسفته في الحياة والموت والمجتمع ،لكنة أبدا ما جمعها على هذا النحو ، هي منتشرة في أرجاء كتاباتة ،يحتاج إلى عين باصرة ومنهج حتى تتبعة ثم تعيد تركيبة على هذا النحو ،تذكرني تماما بلعب الأطفال "Blocks" . ودالمك صنع من هذه البلوكات مجموعة مباني حمراء صفراء،مسجد وكنيسة وانداية وبار ومقابر وحدائق وجئت أنت ،فرزت الألوان ، أخذت من المسجد الأقواس ومن الكنيسة الصليب وهندسة المقابر ومناضد البار وجمعت من زهور الحديقة وجمعت كل ذلك واعدت بنائها فصارت مدرسة ،هي صنع على المك من صنعك ! أشبة بالذين يقطعون قصاصات الجرائد ويقتطعون الجمل والكلمات ويعيدون لصقها في إنشاء جديد .لكن ما فعلته هو حقيقة عالم على المك ، السريالي والكاوبوى والدرويش المتمرغ في تربة حمد النيل وهو لابس أل full suit .*متن على إشارة عالم : تأملت قصيد عالم وأنا طالب آداب فقير بجامعة الخرطوم "1984-1988" ثم عبرت المالح إلى سلطنة عمان حيث سامرت صديقه وصنوة فضيلى جماع طويلا وعند مغادرتي عمان قاصدا البيت العتيق حملني كتبا ورسالة إلية بجدة فزارني بالفندق ودعاني لغداء ببيته بحي الصفاء –قف"في رسالة من المجذوب إلى عبدالحى قال" تغديت ذات مرة مع الرجل الصالح عالم عباس وتملات من طعامه " إضاءة منى لاحقا وجدت التعبير للشافعي عندما زار إمام أهل السنة والجماعة الإمام احمد ابن حنبل رحمة الله"" واكل ناس دارفور طاعم بالحيل –تعرف "غرب السودان يصلح لي جدا وكذلك جنوبه..وكان نقلى للخرطوم من المصادفات العجيبات السيئات.." ثم أرسلت إلية رسالة من ارض شكسبير اشكره فرد رسالتي. * رسالة الكترونية من عادل القصاص:" send me all the collections of ALI ELMAK "فرددت إلية " What I know u are not interested in his career beside u were treating him in a very disrespectful way فرد عادل "I had changed my opinion totally after I had read his old collection " Alga mar Jails Fi Fana Darihi and I have mentioned that in an encounter in Al Horia daily. ".* إضاءة لوجة عادل:عادل القصاص واسمه عادل حسن محمد وأمة صفية!صديق قديم التقيت أول مرة " ذات صفاء ذات نهار اخضر ذات نهار سادس " يلعب " ضمنة " إمام " دكان عم جابر " ثم رافقته طويلا لا نفترق إلا أمام " بيت حليمة" حيث ادهشنى باحاديثة الجميلة حتى افترقنا لعقد ونصف هو إلى سوريا وأسمرة والقاهرة وملبورن وأنا " إلى جسدي المقهور".

كأس على ذرى الأولمب

كأس على ذرى الأوليمب
" تأمل في الإلياذة والأوديسة"
أحمد الأمين أحمد
إلى سيد أحمد بلال مترجما وشاعرا وإنسانا !1
تمثل الإلياذة أقدم أثرا أدبيا يونانيا وهى عبارة عن ملحمة شعرية بلغت أبياتها 16،000 موزعة داخل أربعة وعشرين كتابا ورغم اختلاف العلماء حول تأليفها إلا أنها عادة ما تنسب إلى الشاعر اليوناني الكبير "هومر" الذي يعتقد قيامة بإملائها شفاهة.تصف الملحمة العام الأخير لحرب طروادة وتتمحور حول البطل اليوناني "أخيل" الذي غادر ساحة الوغى ليمكث بخيمته لحنقه الشديد على قائدة "أجاممنون" أثر خلاف حول الجارية الحسناء"بريسيسى" إحدى سبايا المعركة ولم يعد إلى العراك إلا بعد مصرع صديقة الحميم " باترو كلس" الذي واصل القتال لابس لأمة صديقة الشهيرة علية فقد تم تهيئة المسرح للمعركة الفاصلة بينة وبين هكتور أمير طروادة .يعتبر التعاطف الذي أبداه "أخيل" تجاه خصمه الهرم"بريام" أكثر أجزاء الملحمة تأثيرا وحركة داخل هذه الملحمة التي تمثل قصة حربية يطفو خلالها التعاطف والبطولة فوق العبث والشر وعبث القوة الهدامة للصراع لأجل المجد وشهرة الروح الإنسانية الجريئة للعصر البرونزي باليونان .تظل هوية الشاعر الايونى "هومر" أمرا غامضا إذ أدعت لعظمته سبع مدن إغريقية بنوتة "شأن ذاك اللعين الذي أشار إليه عبد لله الطيب في تفسيره على تلاوة الشيخ الجليل صديق حمدون رحمهما لله" ، كما ذهبت بعض الدراسات المعاصرة إلى أنة لم يكن رجلا بل امرأة !!! لكن من المتفق علية أنة كان أعمى شأن المعرى وجون مليتون و البرد ونى وقد أجمع المحدثون على أن كلا من الإلياذة والأوديسة لشاعر مفرد لكنة مختلف عن الأخر ويدل تحليل نصيهما إلى رجوعهما إلى القرن الثامن قبل الميلاد رغم دلالة مفردات ولغة الأوديسة على تأخرها نسبيا. يبدو أن كلا العملين عبارة عن تجميعا للعديد من التراث الشفوي ويعدان بلا شك باكورة الأعمال الحقيقية في الأدب الغربي والمركز الاساسى للتراث اليوناني بصورة اكبر مما يمثله إبداع وليام شكسبير في تراث بلادة الذى بلغ درجة قال عنها "ونستن تشرشل" أحد ابرز دهاقنة السياسة البريطانية في التاريخ استعداد أمته التخلي عن مستعمراتها التي كانت لا تغيب عنها الشمس مقابل عدم التخلي عن بيت واحد من تراثه أو كما قال بل وصلت عظمته عند أمته وتفرده إصدار معجما خاصا بلغته وتراكيبه وصوره ومجازاته وشخصياته وخيالة!!نسبة لما يحتويانه من معلومات وتربية أساسية تدفقت بانسياب داخل قارورة عطر الحضارة اليونانية التي أنجبت للإنسانية سقراط وأفلاطون و أرسطو وهيرودتس وابقراط وارخميدس و نيكوس كازنتزاكس صاحب "زوربا اليوناني".تستدعى الأوديسة تلك القصيدة الملحمية مغامرات اوديسيوس الشهير بيوليسس أو عوليس خلال رحلة عودته من جزيرة مملكة ايثاكا عقب انتهاء حرب طروادة ولقد وصفها عميل المخابرات البريطانية الامبريالي لورنس العرب في تصديره لترجمته إياها إلى لسان أمته باعتبارها أقدم سفر يستدعى التأمل وأول رواية أوربية.تفتح الملحمة مصراعيها في Ogygia تلك الجزيرة الغربية القصية لحورية البحر Calypso التي احتجزت عوليس لسبع سنواته ليضاجعها أخر الليل !! في الرغو، عارضة علية الخلود الأبدي إن شاء البقاء إلا أن حنينه العارم إلى حليلته الفاضلة Penelope ظل يؤرق مضجعة ،استلهم ذلك محمد عبد الحي"1944-1989" خلال مرحلته الوثنية التي أشار إليها الكاتب الثبت الدكتور احمد محمد البدوي في كلمته القديمة حول عبدالحى وعصره ، في "السمندل في حافة الغياب" تأمل :لو ضاع في نزوعه البحري، فالعبابوالملح سوف ينحتان من عظامه المبلورةحدائقا من صدف تضئ في صيف الليالي المقمرةعلى رمال ساحل الخراب00000وهى على منسجها منتظرةتسير بالزمان مرة،ومرة تعود بالزمان القهقرىلبرهة تضئ خارج الزمان حيث تلتقيببرهة الغربة برهة الإياب.حتى أمرها كبير الآلهة زيوس إطلاق سراحه ليؤوب ، لكن سفينته تحطمت عند إحدى الجزر ليمكث ردحا تحت وفادة مليكها وابنته الحسناء مفصحا عن شخصيته خلال مأدبة أقاموها على شرفة ومن ثم أقنعوه رواية تجواله ومغامراته التي شملت ايامة ببلاد أكلى زهور اللوتس التي تؤدى إلى نسيان الماضي،هزيمته للعملاقين الأعورين Cyclops و Polyphemus ،حقيبة الرياح التي أهداها اياة آلة الرياح Aeolus ،قتاله آكل لحوم البشرLaestryonions ،سحرة بواسطة Circe الذي مسخ ملاحية إلى خنازير!!،زيارته إلى العالم السفلى،نجاحه في الإفلات من حوريات لبحر اللاتي يعشن في إحدى الجزر ويجذبن البحارة بغنائهن العذب إلى الصخور المحيطة حيث يهلكون والتهامه لماشية Helios التي تم عقابه عليها بتحطيم إحدى سفنه على جزيرة Calypso ونسبة لبراعته الأسطورية فقد اصطفته الآلة أثينا التي قادته إلى Alcinous الذي ساعده على الرجوع إلى جزيرته ايثاكا حيث التقى ابنة "تلماك" الذي ظل يجوب سواحل المتوسط أعواما عديدة بحثا عنة ومن ثم تمكنا من القضاء على "تمخن" وخطيبته الذين ظلا يحلمان بالاستيلاء على مملكته خلا غيابة الطويل.يقول الجاسوس الامبريالي T.E.Lawrece الذي ترجم الأوديسة إلى لسان شكسبير تحت اسم T.E Shaw "هنالك القليل من الأفراد الذين قد يكونوا بحارة،جنود وعلماء طبيعة في آن واحد منهم هومر الذي تحول كثيرا فخاطب عبر كتاباتة المستمعين الذين تمثل المغامرات والبحار عالمهم اليومي فكان صادقا في خيالة ".أخيرا تنتمي الملحمة كجنس فني إلى الإنسان القديم وقد عمر "هومر" طويلا عقب عصر البطولة بوطنه الذي شحنة بثقة وثراء تراثه لذا أوضحت أعمالة معرفة تامة ومقدرة فذة في التعامل مع مادته المليئة بالإلهام الذي ضمخ ابداعة بروح ذلك التراث كذلك تعج دفاتره بموضوعات بنفسجية أفرغها داخل حكايته علية صار يبدو مثل الكاتب المعاصرWilliam Morris مدفوعا بعصره لتناول الأسطورة حيثما عثر على بشر يحيون تحت سماء الله سبحانه وتعالى.
* المصادر والإحالات: 0 المقروءة بالانجليزية:1-Wordsworth Classic: The Iliad—By Homer—1995.London.2-Wordsworth Classics: The Odyssey Translated by:T.E Lawrence. London.1995.3- C.R.Beye:The Iliad, The Odyssey and the Epic Translation1996.London4- Dictionary of Shakespeare—Charles Boyce.
0 المقروءة بالعربية:1- محمد عبدالحى—السمندل يغنى " ديوان شعر".2- د. أحمد محمد البدوي –مقال عن محمد عبدالحى بمجلة الناقد اللندنية العدد30 كانون الأول 1990 .

رأيت عبدالحي

رأيت عبدا لحى بقلم أحمد الأمين أحمد
"1944-1989"

رغم رحيله عن عمر باكر إلا أن الشاعر محمد عبد الحي "1944-1989" قد ركز لواءه الجمالي بثقة وثبات على رمل الشعر والفكر السوداني مسهما بنصيب وافرمن الإضافات العميقة ذات الأصالة والمعاصرة والعمق الفلسفي ,شغل عمرة البحث الدءوب والتقصي في مختلف أنواع الإبداع الانسانى . ترجم أشعارا اسماها "أقنعة القبيلة " لمجموعة من شعراء أفريقيا جنوب الصحراء من شاكلة ليوبولد شوينكا وكريستوفر اوكيكبو :"مهرجان الطبول ,وأجراسنا الخشبية في فصول الحديديبين نجم قديم ونجم جديد تتأرجح موحشة وهى تهبط إدراجها اللولبية "استهلها بمقدمة جميلة عن طبيعة الشعر الافريقى المعاصر اتكائة على موروث ضخم من التراث الشفاهى والمادي ,إيقاع الطبل ,ليل الغابة.أقنعة السحر ، الديانات البكر الرقص الطقسي ومغازلته لأحدث فنون الإبداع الحديث في أوروبا وفى دائرة الفكر المحلى قدم دراسات في الثقافة السياسية بالسودان ضمن مساهمة مع اليونسكو وخاض في وحل " الصراع والانتماء " ويعد من أميز الأكاديميين العرب والأفارقة في الأدب المقارن إذ نال إجازة الدكتوراة " الأستاذية الكبرى" من كلية Saint Antony بجامعة Oxford البريطانية متقصيا في دراسة صعبة وممتعة" هجرة نصوص المتصوفة والرومانسيين الانجليز وميثولوجيا اليونان والتراث الانجليزي المعاصر إلى نصوص الشعراء العرب في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي " وهذه الدراسة رغم حسها التاريخي إلا أنها تجيب على الكثير من أسئلة الشعر ,حلل فيها بصرامة وجمال طبيعة شعراء المهجر وجماعة أبوللو والديوان كما قدم فصولا نقدية اسماها "الرؤيا والكلمات" حول شاعر اليقظة والإشراق السوداني التجانى يوسف بشير "1912-1937" والذي تمطى هاجسا ممتعا في فكرة ووجدانه وخطابة الجمالي .ورغم ثراء مناخات عبدا لحى الإبداعية إلا أن انصع مراعية هي الشعر تشهد بذلك درره المدهشة في ديوان الشعر السوداني المعاصر "أجراس القمر "هذا المحترق" ,السمندل يغنى, الله زمن العنف وبعض المسرحيات الشعرية كرؤيا لملك ,حديقة الورد الأخيرة وخريدتة المطولة العودة إلى سنار تلك الأغنية التي تستعصى مفاتيحها لغرابة وحداثة" لغتها ومجازاتها ومساربها وأغوارها ,إنها فتح جديد في اللغة الشعرية يختلف اختلافا ضخما عن اللغة القديمة " وهى حقا " معضلة في ديوان الشعر السوداني " يعضد ذلك حيرة النقاد والشعراء والسحرة والكهنة والصعاليك والعلماء والمتصوفة فك طلاسمها وإدراك مراميها فأهل الغابة والصحراء ينادون " أنها سؤال في الهوية" وآخرون يقولون بل هي " تعبير عن الجوهر الديني في الطبيعة البشرية" وعبدا لحى نفسه حار في أمرها وكان في كل حوار يغذيها ويشحنها روحا جديدة وهذا قمة الجمال فطبيعة شعرة شديدة التوهج بدرجة يستحيل معها التحديق فيه لإدراك جوهرة ...شعر غريب يحاكى النار والحلم.محمد عبدا لحى شديد الوعي ولاينادمة شيطا شعر ولعلة أحس منذ ادراكة ازدهار وردة الشعر في وجدانه سعى بكد ويقظة لتحقيق " خطابة الشعري"..غاص في بطون المعرف مرتشفا رحيق الذهن والوجدان البشرى عبر التأريخ والفلسفة والأسطورة واللغة وهذا يبر كثافة المعرفة وتوحدها وحضورها في شعرة ..نظر إلى الكون ..تأمل ذاته لذا جاء شعرة صافيا غزير الثراء والجمال والمعرفة فتهيبه "الجمهور لأنهم يتربوا على شعر ثقافي ينبع من عقل صارم "رأى وتأمل كل شي".أصدقاء دراسته ومعارفه يعترفون أن عبدا لحى والكتاب صنوان ومحمد مخلوق جوال جاب أرجاء وطنه الجميل منذ الطفولة ...طبيعة السودان البكر الثرة غذت اشعارة وكستها غنائية ساحريه جعلته مثل الحلم ..ينبهنا في حواراته المتعددة أنة تأمل في بصرة وعقلة وخيالة " الأنهار الضخمة وهى تهدر حمراء اللون والجبال والشمس المصهدة والزراف والثعابين والجواميس والوعول والأيائل والغزلان والأسود والنمور والببغاوات والقرود " الأمر الذي خلق نهرا باطنيا في وجدانه يروى اشعارة...الطبيعة الساكنة والمتحركة ألوان باهرة في لوحاته الشعرية يقول في حوار مع عبداللة محمد إبراهيم " قصيدة " حوار " في " كتاب الوجد" تتعانق فيها الطبيعة في السماء بالطبيعة في الأرض والنيل مركزا اساسى فيها " وتأمل مشاهد " العودة إلى سنار ":أبصر كيف مر أول الطيور فوقنا.
وكانت الشمس على المياه أمشاجا من الفسفور واللهيب.....شجرا أرى وارى القوارب فوق ماء النهر والزراع في الوادي .وفى "حديقة الورد الأخيرة" قصائد كاملة من وحى مشاهدات الطفولة أبرزها " قصيدة الفهد" ومطلعها:وفجاءة رأينا الفهد مسترخيا في ظلمة الأوراق الخضراء ...في الفوضى الجميلة بين الغصون .وهى قصيدة تصور مشهدا راة بواكير تجواله المبدع عندما كان طفلا لكن تجارب السنين ورحيق المعرفة غذتا ذلك المشهد بعمق نفسي وفلسفي يتمحور حول " الموت والقسوة" ويدعو إلى تسامح الإنسان مع جمال الطبيعة تجده في لب القصيدة يحتفل القصيدة يحتفل بمخلوقات الله وبراءتها " النحل,النمل ,الأرنب,الصقور ،الطحلب وثمرة الباباى ,المنقة الذهبية....الخ" في جمال شعري بديع مفصحا عن كون من النقاء والبهاء لكن فرحة الطفل " صوت البراءة وصورة الشاعر المثلى-على قول إدريس جماع " لا تكتمل إذ تصرع بندقية الإنسان الفهد الجميل وتفسد جمال الطبيعة وفرحها...ولقد اكسب عبدا لحى ذاك المشهد ثراء ورمزا ولعلة أراد تأكيد خسران الإنسان "بتعارك الصورة الإنسانية المفقودة والصورة الميتافيزيقية القاهرة" وشكل ذك المشهد البكر في ذاكرة الشاعر الأولى بعدا هاما في شعرة " فكرة الموت " الذي يمثل أولى مراحل الانبعاث أهم موضوعاته الشعرية .تسيطر "فكرة الموت" على معظم شعر عبدا لحى خاصة في ديوانه "حديقة الورد الأخيرة" والذي سر بة كثيرا واعتبره فاتحة لشعرة الجديد يقول في حوار مع الأستاذة سعاد تاج السر" العودة إلى سنار" هي القصيدة الأولى والأخيرة هي "حديقة الورد الأخيرة" وبينهما سنين كبر الشاب وتفرع وشرق وغرب ورجع ثانية وكان بالرجوع مليئا بكل الهدايا الثمينة التي خزنها في دمه وجبلته ورن عن بعد الجرس الذي يقول في ساحة المدينة أن الشاعر قد عاد ..تلك كانت قصيدة العودة ثم بعد ذلك بدأ شغله مع الناس وبالتالي كثف اللغة واخترع تقاليد جديدة يقول بها الشى الذي يقوله مرة أخرى بالصورة الجديدة , حديقة الورد هي صوت الشاعر بعد بلور وعيه المعرفي والجمالي وبالتالي هي أجود المراعى لفهم و دراسة خطابة الشعري ...أحدثت صورة الموت في ذاكرة عبدا لحى الأولى آلما نفسيا شديد الغورفى ذهنه لذا لا غرابة تمدد ظل الموت في ديوان "حديقة الورد الأخيرة" ,قصيدة " الفجر أو نار موسى " فاتحة الديوان يسيطر على صورتها الموت:وأنت عند تجلى السكر مقتولوصحراؤك احترقت ليلا عنادلهاوالورد من دمك المذبوح معلول. وفى قصيدة " قمار " نجد " منادمة الموت" وفى قصيدة " الفأر" نشاهد " انكسار آنية الخزف" وفى قصيدة "التنين" يصرع المغنى التنين و " هل أنت غير إشارة" التي تمثل قراءة في شعر التجانى يوسف بشير"1912-1937" الشعري صورة لما ورا الموت..كالطفل في الفردوس يمرحرغم رائحة الحنوطورغو رمل المقبرة.أما قصيدة " ثلاث غزلان" فتصور مصرع غزالة عند النبع المسحور وهذه الصورة ألهمها مشهد راة الشاعر في المنام " كما حدثني ذات ضحى بعيد" ويتمدد ظل الموت في بقية قصائد الديوان "ديك الجن , الفراشة ملكة الليل، الفرس مقتل الملك القديم،سماء الكلام،تنصيب الملك الجديد ،الحمامة الخضراء،الوجه القديم وحديقة النخيل..":البيضاء تميس على في الحر حر والأجراسحصى الينبوع يستفيقطفل الماءويفتح الحراسأبواب سنار كي يدخل موكب الغناءويصعد النهر عبر براري جرحهالطويلإلى السماءلم يسجل عبدالحى مشهد الموت كما راة ذلك الفجر البعيد بل كساه الكثير من معرفته العميقة التي رشفها عبر السنين فالموت عند صار "وعيا" ملازما ونورا نحو المعرفة وإدراك الحقيقة وتارة مطية لاغتصاب السلطة وقهر الأخر لكنة في الغالب بشارة نحو "الانبعاث" الذي يبشرنا في عالم لا ثنائية فيه تصبح المخلوقات كما في بداية الخلق بريئة ونقية وهذا بديع كما يقول ويتمنى وفى شعرة تمتزج الأسطورة بالطبيعة والفلسفة والحلم.لعل عبدالحى أحس "غربة شعرة عن معظم النقاد والمتأملين فعمد كثيرا في حواراته إلى كشف " أصول ومصادر شعرة الفكرية والبيئية" فهدانا إلى انهارة الباطنية التي ساهمت في بلؤرتة وسيدرك المتأمل فيه أن المرجعية الفكرية تنم عن ذهن مرن ومعدة قوية صهرت ثقافات متنوعة وغنية ،الأستاذ فضيلى جماع في " قراءته في الأدب السوداني الحديث" شهد "أن أعمالة تكشف عن شاعرية مبكرة وتحصيل معرفي هائل الكم في بواكير عمر شاعر نعده اليوم في طليعة علمائنا الباحثين" والتشكيلي المبدع حسين جمعان عمر وقد عاصر فترة مضيئة في مشروع عبدالحى " العودة إلى سنار" بانجلترة وصمم ورسم اللوحات المصاحبة ل"حديقة الورد الأخيرة" اعترف أن " عبدالحى بلندن كان كثير الاستماع للموسيقى الأسيوية وخاصة الهندية وانكب على قراءة الكتاب المقدس وقرأ كثيرا مما يتعلق بالحيوان وسلوكه كما انه وقف على التاريخ القديم وقفة متأمل ودرس الأجرام والأفلاك ووقف على بعض الرسوم الإيضاحية القديمة للمجرات والنجوم ودرس عادات الإنسان القديم في الحضارات المختلفة وخاصة النوبية وتحرى في حركة التشكيل المعاصرة والقديمة..." ولعل هذا ما جعل قصيدة بصورة والوانة ولغته وروائحه " لوحة" تكاد تنصهر فيها وتتوحد كل الفنون ..."العودة إلى سنار " يصنفها البعض "مسرحية" وآخرون يقولون "رواية قصيرة" ويلاحظ أن أسلوب تركيب معمار الأبيات يستعير معمار بعض الأشكال الهندسية كالهرم كما نبهنا الناقد "سامي سالم"سنار تسفر في بلاد الصحو جرحااسود الأعراف،فهدا قافزا فيعتمة الدم ،معدنا في الشمس مئذنةنجوما في عظام الصخر ،رمحا فوق مقبرةكتابوهذه الهياكل لا يبنيها الشاعر لزخرفة اسلوبة بل تكاد تكون هناك علاقة بين الشكل واللون الهندسي والفني ومضمون موضوع صورته الشعرية. حسين جمعان برهافته تنبه إلى ا"انسجام الأصوات وتناغمها في بعض مقاطع " العودة إلى سنار " في إحكام ونسق يحاكيان موسيقى استعارت كل الأصوات " رنة المعدن،صوت الإنسان ،الحيوان،النبات ،الأسماك،الحمام ،صرير الباب،" تأمل بعض نشيد العودة :أم صوت بشرى غامض يزحفكالسحلية الخضراء تحت خشبات البابيبعثه من أخر الضمير مرة عواء ذئب أخرفي طرف الصحراء مرة رنينمعدن الصمتمرة حفيف السمك الراقص في دوائر النجوم في النهرومرة همس عصافير الثمار حين يلمسها باللهب الأزرق جني القمر..وترد في مقاطع متفرقة من هذه الأناشيد وخرائد الحديقة صور ومفردات عديدة ذات صلة وعلاقة بالموسيقى والرقص:تنفخ في رئة المداحوضرب بالساعدعبر ذراع الطبالويلاحظ أن الشاعر قد كثف استخدام الموسيقى ليخلق مناخا من الفرح والبهجة التي سادت المجتمع عند عودة "الصوت" الذي يبشر بعالم جديد من الجمال.ومتعدد الاهتمامات يتحدث حديث العارف والمتبحر في التاريخعمر عبد الماجد شاعر "أسرار تمبكتو القديمة" ورفيق طلب عبدالحى يقول" كان محمد موسوعة في الثقافة والسياسة والفلسفة والشعر والمسرح والموسيقى والرسم والتصوف والفلك ، يتحدث عن وضاح اليمن" اسم ابنة البكر" والمتنبي والخيام وابن سينا وابن رشد وابن خلدون وشكسبير وبود لير وطمبل والتجانى ونير ودا وبيكاسو ولوركا وماركيز وسنغور كمن عاش معهم واختلط بهم وعرف أسرار دقائق فنونهم وصناعتهم. هذه الثقافة الرفيعة كست شعر عبدالحى عمقا معرفيا بعيد الغور وجعلته شعرا يستعصى على من لا يداوم على الاطلاع المتنوع كما افقدتة الجماهيرية الواسعة ولعل إحساس عبدالحى بذلك جعله يهتم بالهامش كشكل مكمل لبناء ومضمون شعرة كما فعل في " العودة إلى سنار " وبعض اضاءات "حديقة الورد الأخيرة" وسيدرك المتأمل في اشعارة وفرة وتنوع الرمز والذي يعرف المهتمون "أنة جوهر التعبير الشعري" الأمر الذي يتجلى بوضوح في الحديث خصوصا عند الشاعر المثقف كعبدالحى الذي يتميز رمزه بالعمق والتنوع والهجرة من حضارات وثقافات شتى....فمن حضارة الإغريق يستعير "اوديسيوس"و"بنلوب"صاحبة المنسج فينسج "السمندل في حافة الغياب" متحدثا عن الوفاء والحب والصبر ومن ذات المرجعية يتناول جدلية الشقاء\السعادة،الموت\الخلود عبر توالى المواسم في قصيدة " الفصول الأربعة" ومن جوف الحضارة الإسلامية زهرة الشمس فوق الجبال زهرة الفقراء ومستضعفي الأمم زهرة من دمزهرة من خراسان قد نضجت بالدمزهرة الفقراء.من اريتريا لخراسان يمتد نهر حزينمن دم الحنفاء المساكين والقارئينإنهم يصعدونلكهوف الجبال البعيدة فقراء ومستضعفينفقراء من التبر والزيت من برجوازية المحدثين .زهرة من دم تتألق زهرة من دم مسلمتحت نجوم السماء الجديدةفي الجبال البعيدةوترفرف مثل الفراشة في صحو هذى القصيدة.يستلهم صور ومواقف وإشارات عديدة للنفرى ،البسطامى،حافظ،ليلى ،تهجه،كانم،تمبكتو وصاحب الربابة وترد أيضا رموز أخرى كالسمندل ، القرندل،التنين ،ديك الجن وكلها ليس اعتباطا بل ذات علاقة متينة بموضوعاته الشعرية كالانبعاث الحضاري، غربة المثقف،القهر النفسي والتفاوت الطبقي:رأيتهم :أما،أبا،أطفالاعلى رصيف الزمن المهجور يرتدونشمس الكلمات الزرق والاسمالافواحد في رغبة يسأل عن مغارةوواحد في غربة يسال عن إشارةويسأل الأطفال عن خبز فيطعمون الحجارة.تنبه صاحب "الشرافة والنار" في حاشيته على " العودة إلى سنار" إلى أن "موهبة عبدالحى القوية المستقلة قد اعانتة على تجاوز التراث أو العبور بة إلى مستوى جديد في القول والشكل" والأمر صحيح فوعيه بالتراث لم يكن جامدا بل حوارا متصلا وقلقا ...في الكثير من خرائدة نراه يستوحي صورا وأخيلة ولغة تراثية محلية وعربية وأجنبية ويحقنها بروح جديدة بهدف إنطاقها بلسان يتوافق مع همومه وموضوعاته الشعرية ,تأمل حواراته داخل النص مع مواقف النفرى،فتوحات البسطامى،صور مالا رمية،أخيلة المعرى ومعاني وليلم بتلر Yeats في " العودة إلى سنار" وفى "الحديقة الأخيرة" مقابلة قصيدة " عباد الشمس" مع نص للرومانسي الانجليزي "William Blake " السمو مقابل الجمال كما قال بذلك الشاعر احمد عبد المعطى حجازي في مقالة المدهش عن عبدالحى الموسوم "هذا المبدع المجهول":من ظلمة الأرض علت مسقية بعرق الأرضاستطالت حولها بعض أقدام يحفها سياج الريح والشمس ويرقص حولها الضياء. ويستلهم "مسدار الصيد" للحر دلو الكبير " صاحب زينب" ومطلعة"الشم خوخت بردن ليالي الحرةوالبراق برق من منا جاب القرةشوف عيني الصقير بجناحهكفت الفرة تلقاها أم خدود الليلة مرقت برهفي خريدتة "الليل حتما سيقضى أمرة" نجد الحر دلو يصف الطبيعة ويغنى بزينب متخذا الغزلان أقنعة لكن عبدالحى يصور الخوف داخل النفس الشفافة ويحلم بالاطمئنان و خريدة " السراب" داخل " حديقة الورد الأخيرة "وبلد عامية اعماؤةيترقرق سرابه في الدميترقرق سرابه في الكلامالسراب في حنجرة المغنىولحية الشيخ الوقور .تمثل هجرة أرجوزة رؤبة بن العجاج :وبلد عامية اعماؤة كأن لون أرضة سماؤهايهات من جوز الفلاة ماؤهيحسر طرف عينية فضاؤه.وتصف المفازة والسراب وتستعرض جرس وموسيقى اللغة العربية أو كما قال عبداللة الطيب لله درة في "القصيدة المادحة" لكن عبدالحى يتأمل وحدة الوجود وتجليها عبر بؤس الأخلاق وفساد المجتمع...وهكذا من نبع الطفولة نصور الذاكرة الأولى ،الأسطورة ، التراث ،المغامرة اللغوية والنهل من المعين الغربي ...كل هذا ينصهر في الشعر ليحلق.... من ترى يمنحني طائرا يحملنيلمغاني وطنيعبر شمس الملح والريح العقيملغة تسطع بالحب القديمثم لما امتلأ البحر بأسماكالسماءواستفاق الجرس الدائم فياشراقة الماء* * *وبكيت ما بكيتوسألت ما سألت هل ترى ارجع يوما لابسا صحوا حلماحاملا حلمي همافي دجى الذاكرة وأحلام القبيلةبين موتاي وشكل أساطير الطفولة. مراجع وإحالات:اعتمدت مراجع ومشاهد وشواهد ومواقف وإشارات عديدة بعضها من الذاكرة ويمكن النظر إلى:أ –محمد عبدالحى محمود:1- ا- العودة إلى سنار –ديوان شعر –طبعتين عن دار جامعة الخرطوم للنشر الأخيرة 1985.2-حديقة الورد الأخيرة-ديوان شعر-دار الثقافة للنشر والإعلان-الخرطوم -19843-الله في زمن العنف-ديوان شعر-دار جامعة الخرطوم للنشر الطبعة الأولى -1993.4-حوار مع عبداللة محمد إبراهيم حول "ثنائية الفكر والوجود ووحدتهما" صحيفة السياسة السودانية –الخرطوم –تموز 1988.5- حوار مع سعاد تاج السر "لست أفريقيا "صحيفة السياسة –الخرطوم آذار 1988 .ب- عبداللة الطيب المجذوب:1- القصيدة المادحة---كتاب.2-فضيلى جماع عبداللة:1- قراءة في الأدب السوداني الحديث—كتاب صادر بسلطنة عمان.د- حسين جمعان عمر:1- مقالان حول العودة إلى سنار بين الطبعتين الأولى والثانية-صحيفة السياسة السودانية 1988 تقريبا. حاشية:* نشر هذا المقال لأول مرة على مجلة حروف الصادرة عن دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر العام 1991 في العدد 2\3 الخاص برحيل الشاعر محمد عبدالحى ثم أعاد صديقي الشاعر والمترجم الخلاق بانقا عباس الياس نشرة في العدد 5\6 لمجلة الطريقة الصادرة العام 1997عن رابطة الكتاب الديمقراطيين بألمانيا ثم نشرة المسر حي والشاعر يحي فضل الله في صحيفة " الاتحادي الدولية" الصادرة بالقاهرة بتاريخ 29 شوال 1418 الموافق 26 فبراير 1998
.